أضحى قطاع السياحة والصناعات التقليدية من بين القطاعات الاستراتيجية التي تعول عليه السلطات العمومية ليكون إحدى البدائل للتنمية الاقتصادية لبلادنا، على غرار ما هو معمول به في كثير من بلدان العالم، سيما تلك المتواجدة على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، والتي تعتمد على الصناعة السياحية في تمويل مواردها المالية من العملة الصعبة.
ولقد تم التأكيد على هذا المسعى بصفة جلية في مخطط عمل الحكومة الذي جـــاء تنفيذا لبرنامـــــج رئـــــــيس الجمهورية، من خلال التركيز على ضرورة تطوير قطاع السياحة، بواسطة تنفيذ مخطط “وجهة الجزائر” وتشجيع بروز أقطاب سياحية إمتيازية تستجيب للمعايير الدولية وكذا العمل على إعادة بعث مخطط جودة السياحة الجزائرية وتحسين أداء جهاز التكوين لاسيما فيما يتعلق بالارتقاء بنوعية الخدمات إلى مستوى المقاييس العالمية.
وفي نفس السياق تم التأكيد أيضا على ضرورة مرافقة الجهود في مجال الصناعة التقليدية وجعلها ترتقي إلى مستوى صناعة سياحية حقيقية، وذلك من خلال حماية منتوجات الصناعة التقليدية الوطنية وتعزيز عمل التكوين لصالح الحرفيين وصغار المناولين والتعاونيات والمجمعات المهيئة وكذا تكثيف وإحترافية عمليات ترقية وتسويق منتوجات الصناعة التقليدية في السوق الوطنية والدولية، بالإضافة إلى تشجيع المقاولاتية النسوية والعمل المنزلي في المناطق الريفية.
ومن أجل تحقيق هذه الأهداف والتي هي في حد ذاتها تتقاطع مع نشاطات العديد من القطاعات الأخرى، والتي من بينها قطاع التكوين والتعليم المهنيين، الذي من مهامه الرئيسية، كما هو معلوم، توفير اليد العاملة المؤهلة لمختلف القطاعات وفقا لاحتياجاتها ومتطلباتها المحددة، ويعتبر قطاع السياحة والصناعة التقليدية إحدى هذه القطاعات الحيوية التي يرافقها القطاع في هذا المجال وذلك من خلال توفير الموارد البشرية اللازمة لتنفيذ برنامج عملها وتحقيق الأهداف المنوطة بها والتي سلف ذكرها.
وفي هذا الإطار يوفر قطاع التكوين و التعليم المهنيين تكوينات ذات الصلة بنشاطات قطاع السياحة و الصناعة التقليدية، من خلال مدونة الشعب و التخصصات لقطاع التكوين و التعليم المهنيين التي تحتوي على 495 تخصصا في 23 شعبة مهنية، منها شعبتين مهنيتين، تعنى الأولى بمجال الحرف التقليدية و التي تحتوي بدورها على سبعة و عشرون (27) تخصصا موزعة على مختلف مستويات التأهيل 21 منها في المستوى الثاني و 03 منها في المستوى الثالث و 02 في المستوى الرابع و تخصص واحد (01) في المستوى الخامس.
كما تعنى الشعبة الثانية بمجالات الفندقة والإطعام والسياحة والتي تحتوي بدورها على سبعة وعشرون (27) تخصصا كذلك موزعة على مختلف مستويات التأهيل تسعة (09) منها في المستوى الثاني، تخصص واحد (01) في المستوى الثالث وخمسة (05) تخصصات في المستوى الرابع و (12) تخصصا في المستوى الخامس.
تتسم مدونة قطاع التكوين و التعليم المهنيين بالمرونة وهي قابلة للتحيين والتغيير كلما دعت الحاجة إلى ذلك، وفقا لمتطلبات وتطورات المهن والحرف، ما يلزم على القطاع التكيف باستمرار مع هذا المعطى الذي تعمل شبكة الهندسة البيداغوجية التابعة له على مسايرته والتكيف معه.
و باعتبار ولاية جيجل ولاية سياحية بامتياز، تم اختيارها كعينة تطبيقية لإحصاء الاحتياجات الجديدة في مجال السياحة و الصناعة التقليدية، والتي تفرضها التطورات التكنولوجية في هذا المجال وتستجيب للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المنطقة بحد ذاتها، ببروز ممارسات وأنشطة متنوعة مرتبطة بالمعاش اليومي الحرفي والتقليدي لساكنة المنطقة والتي تعتبر كموارد جديدة تدر الثروة وتخلق مناصب جديدة لمختلف فئات المجتمع.
ومن أجل ذلك وتفعيلا لآلية الشراكة التي يعتمد عليها قطاع التكوين و التعليم المهنيين في مجمل نشاطاته، سيما مع قطاع السياحة والصناعة التقليدية اللذان تجمعهما اتفاقية إطار أبرمت سنة2021.
يستلزم وضع حيز التنفيذ لمختلف بنودها على المستوى المحلي، سيما فيما يتعلق بتحيين ومراجعة الاختصاصات ذات الصلة بالشعبتين المهنيتين سالفتي الذكر لجعلها تتوافق مع متطلبات السوق المحلية للسياحة والصناعة التقليدية، دون إغفال إشراك مختلف الفاعلين الذين يساهمون بدورهم في ترقية مختلف المجالات المرتبطة بالسياحة ومنتوجات الصناعة التقليدية والتي تعتبر موروثا تاريخيا تزخر به العديد من مناطق الوطن ومن بينها منطقة جيجل.